أبوالدرداء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
مع الصجابي الجليل ابو الدرداء الأنصاري .
كان - أبو الدرداء
رضي الله عنه - كغيره مِن أهل الجاهلية ، اتخذ صنمًا في بيته يتقرَّب بعبادته إلى الله ، ويذبَح له القرابين والأضاحي
ويلجأ إليه في مُدلهِمات الأمور ونائبات الليالي
وبينما كان أبو الدرداء ذات يوم في متجَرِه يَبيع ويَشتري
فذهب اخوه من امه عبدالله بن رواحة وطرق الباب واستأذن من أمَّ الدرداء بالدخول
فاذنت له
فدخل عبدالله بن رواحة فى غرفته اخية الخاصة
وأخرَج مِن تحت ثيابه قَدومًا
كان يخبأها تحت ثيابه
وانهال به ضربًا على الصنم حتى جعله جذاذًا
وقِطَعًا تناثِرت هنا وهناك،
ثم عاد أدراجه مِن حيث أتى.
رجع أبو الدرداء إلى بيته، فوجد أم الدرداء تَبكي وتَنوح على إله أبي الدرداء.
ما شأنُك يا امرأة؟
أدرِكْ إلهَك؛ فقد سُوِّي بالأرض.
ومَن فعَل هذا به؟
أخوك عبدالله بن رواحة.
أسرَع أبو الدرداء إلى غرفته
فوجد صنَمه أجزاءامكسَّرة
فلم يغضَب ولم يَثُر، ولم يُرغِ ولم يُزبِد، ولم يمسك سيفه ليُطيح برأس اخيه عبدالله
بل وقف مع نفسه وقفة استعمل فيها عقله السليم
الذي لا تَحكمه الأهواء، ولا تُقيِّده التقاليد ولا تَحجزه الموانع البشرية
وقال لنفسه: أيتها النفس الضعيفة ، لقد اتَّخذتى هذا الصنم إلهًا، تلجأين اليه في الليل والنهار،وتسألينه النفع ودفع الضرِّ عنك
ولكنه لن يرد عن نفسه ضربات الضاربين، ومعاول المُخربين
فإلهٌ مثل هذا لا يستحق أن يُعبَد، ولا يَستحِق أن يُحترَم، بل لا يَستحِق إلا أن يكون جزءًا مِن حجارة بيوت الخلاء، أيتها النفس: فاقد الشيء لا يُعطيه،
لا يُمكنه منحُها الآخَرين
هذا هو إلهك المهين هذا، وظلَّ يؤنِّب نفسه ويُحاكمها ويُعاتبها؛ حتى أذعنَت للحقِّ وشهدت شهادة الإسلام.
كان للنبي صلي الله عليه وسلم له الأثر الأكبر في تربية أبي الدرداء رضي الله عنه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه كثيرًا بما يجلب عليه الخير في الدنيا والآخرة
؛ ففي صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ولا أنام حتى أوتر».
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد فأبيع وأشتري فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول: إن الله لم يحل البيع ويحرم الربا، ولكن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
حاله مع ربه
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقوم من جوف الليل، فيقول: "نامَتِ العُيُونُ، وَغارَتِ النُّجُومُ، وأنْتَ حَيٌّ قَيُّوم". وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
واثر الاخرة وعمل لها وترك الدنيا وزينتها
وقال لأَنْ أقول: الله أكبر مائة مرة أحبُّ إليَّ من اكتسب مائة دينار
وفى ذات يوم دخل امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على أبي الدرداء رضي الله عنه فى بيته
فاذا فراشه الارض وغطاءه السماء
قال عمر رضي الله عنه: ألم أوسِّع عليك؟
فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: أتذكر حديثًا حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: أيُّ حديث؟
قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب».
قال: نعم.
قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟
قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا.
خوفه وخشيته
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث: أضحكني مُؤمِّل دنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك بملء فِيهِ ولا يدري أرضي الله أم أسخطه؟! وأبكاني فراق الأحبة محمد وحزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله، ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار؟!".
إن أبا الدرداء يقدّس العلم تقديسا بعيدا.. يقدّسه كحكيم, ويقدّسه كعابد فيقول:” لا يكون أحدكم تقيا حتى يكون عالما.. ولن يكون بالعلم جميلا, حتى يكون به عاملا”.
وكما رأينا من قبل, لا ينفصل العلم في حكمة أبي الدرداء رضي الله عنه عن العمل.
يقول:” إن أخشى ما أخشاه على نفسي أن يقال لي يوم القيامة على رؤوس الخلائق: يا عويمر, هل علمت؟؟
فأقول نعم.. فيقال لي: فماذا عملت فيما علمت”..؟
وقد مر{ رضى}
على جماعة، قد اجتمعو على رجل كتابى يشرب الخمر فامسكو به واخذو يضربونه ويشتمونه، فأقبل عليهم, وقال لهم:
((ما الخبر؟ .
قالوا: رجل وقع في ذنب كبير .
قال: أرأيتم لو وقع في بئر أفلم تكونوا تستخرجونه منه؟ .
قالوا: بلى .
قال: إذاً: لا تسبوه، ولا تضربوه، وخذو على يديه وعِظُوه وبصِّروه، واحمدوا الله الذي عافاكم من فعل الذنوب .
قالوا يا ابا الدرداء ارئت ان كنت مكاننا أفلا تضربه؟.
قال: نعم ، إنى أبغض فعله
واذا بالرجل ينطق بالشهادتين وقال تبت على يديك
وعاهده الا يعصى الله بعد ذلك
وكانت
وهذه طريقة في الدعوة إلى الله،
وجاء شاب لأبي الدرداء، قال:
يا صاحب رسول الله, أوصني, قال: يا بني, اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء
يا بني, كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً
ولا تكن معرضا فتهلك
يا بني, اجعل المسجد بيتك
فإنى سمعت النبي عليه الصلاة والسلام
يقول: المساجد بيت كل تقي
اذا فسد الزمان فالبيت صومعة
المؤمن في المسجد كالسمكة في الماء، والمنافق في المسجد كالعصفور في القفص
مر سيدنا أبو الدرداء على جماعة من الشبان جلسوا على الطريق يتحدثون وينظرون على المارة
قال
يا بني, يا بنى الزم بيتك فان البيت صومعة الرجل
يكف فيه نفسه وبصره
وإياكم
والجلوس في الطرقات
فالطريق لها حقوق
والطرقات فيها الكاسيات عاريات
البيت أرحم لكم وأولى
تعالى وتذكرو قول الله
﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾
منزلته وفضله
لأبي الدرداء رضي الله عنه المكانة العالية والمنزلة المرموقة بين صحابة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد: «نعم الفارس عويمر». وقال عنه أيضًا: «هو حكيم أمتي».
توفي أبو الدرداء في الشام، في مدينة دمشق، في عهد الخليفة عثمان